كتب دانيال روزن أن مستقبل غزة بعد الحرب يثير سؤالاً مركزياً: من يملك مفتاح "اليوم التالي"؟ ويؤكد أن مصر يجب أن تكون في قلب أي حل مستدام، وإلا ستجد نفسها مهمشة إلى حد فقدان دورها الإقليمي.
أوضح تقرير كتبه لجويش نيوز سينديكت أن حكومة القاهرة الحالية ترفض بشكل قاطع فكرة استقبال سكان غزة أو تولي دور مباشر في احتواء تداعيات الصراع، مبررة ذلك بالمخاوف الأمنية في سيناء، والتحديات الاقتصادية والديموغرافية، واعتبارات سيادة الفلسطينيين على أرضهم. لكن روزن يرى أن هذه المبررات تخفي دوافع سياسية أعمق، منها إبقاء ورقة غزة أداة لمواجهة إسرائيل على الساحة الدولية. والنتيجة أن المدنيين الفلسطينيين يدفعون الثمن الأكبر، إذ يُتركون تحت القصف بينما تغلق أمامهم أبواب النجاة.
يطرح الكاتب أن الولايات المتحدة قادرة على خلق الظروف الكفيلة بتحييد هذه المخاوف ودفع القاهرة لتغيير موقفها. ويشير إلى أن قدرة رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي على تثبيت حكمه ارتبطت بدعم عسكري واستخباراتي من إسرائيل، إضافة إلى المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية. ففي عام 2023 وحده، خصصت واشنطن نحو 1.54 مليار دولار لمصر، ذهب منها 1.24 مليار لتمويل عسكري و300 مليون كمساعدات اقتصادية. ومنذ 1946، بلغ مجموع المساعدات الأمريكية لمصر حوالي 90 مليار دولار. هذه الأرقام، وفق روزن، تمثل رافعة ضغط حقيقية على القاهرة، إذ لا يمكن لجيشها البقاء قوياً ولا لدولتها أن تستقر من دون هذا الدعم.
يقترح روزن أن تستخدم واشنطن وحلفاؤها سياسة "العصا والجزرة" عبر أدوات عدة:
تذكير القاهرة بأن مكانتها التاريخية كأول شريك سلام لإسرائيل تتآكل تدريجياً مع صعود محور السعودية – الإمارات – إسرائيل، المدعوم باتفاقيات أبراهام. وإذا استمر هذا المسار، ستُهمّش مصر دبلوماسياً واقتصادياً.
التلويح بإعادة توجيه المساعدات أو تقليصها، كما حدث حين حجب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر بسبب انتقادات حقوقية.
إشراك المانحين الخليجيين والمؤسسات الدولية في توفير حزم دعم أو مشاريع تنموية مؤقتة لتخفيف العبء عن القاهرة إذا استضافت نازحين من غزة.
تقديم دعم أمني أمريكي موازٍ لعمليات مصر في سيناء، ليس على شكل شيك مفتوح، بل ضمانة بعدم زعزعة استقرار البلاد في حال لعبت دوراً أكبر في الملف الغزي.
يشدد روزن على أن إصرار القاهرة على البقاء بعيدة عن ترتيبات "اليوم التالي" في غزة لا يجب أن يكون نهاية النقاش. بل ينبغي استخدام دبلوماسية دقيقة وحوافز مدروسة، إلى جانب تهديد التهميش الإقليمي، لجعل مصر تدرك أن المرونة تخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية.
يرى الكاتب أن نجاح هذه الاستراتيجية سيوفر لغزة طريقاً نحو التعافي من دون تقويض استقرار القاهرة أو إرباك توازن المنطقة. ويخلص إلى أن مصر، إذا أعادت حساباتها تحت الضغط الأمريكي والدولي، يمكن أن تتحول من عقبة إلى ركيزة في صياغة مستقبل أكثر استقراراً لغزة.
https://www.jns.org/egypt-holds-the-key-to-gazas-day-after/